الشتاء....احب نهار الشتاء، عندما تصبغ صفحة السماء باللون الرمادي، وتتدثر الشمس خلف الغيوم لتقي نفسها من البرودة، كم احب البحر في ذلك الوقت، يكن البحر هائجا، يضرب صخور الشاطئ بلا هوادة كأنما يستمد بحركته الميكانيكية تلك طاقة حرارية تقيه من البرودة.
في ذلك الوقت يخلو كورنيش الإسكندرية من المارة تقريباً، انتهز الفرصة والبس ثقيل الثياب، اترك كل الأموال والهاتف في المنزل، لا يصحبني في جولتي تلك غير البطاقة الشخصية، وميدالية المفاتيح.
في ذلك الوقت يخلو كورنيش الإسكندرية من المارة تقريباً، انتهز الفرصة والبس ثقيل الثياب، اترك كل الأموال والهاتف في المنزل، لا يصحبني في جولتي تلك غير البطاقة الشخصية، وميدالية المفاتيح.
كان البحر في ذلك اليوم هائجا علي غير العادة، كانت امواجه عالية تضرب صخور الكورنيش، وتتخطاها لتبلل ارض الطوار، استطيع ان اراه من نافذة حجرة الجلوس، وكانت الغيوم تنذر بسقوط الأمطار لا محالة...كان الوقت بعد صلاة الظهر.
ارتديت ملابسي ونزلت.
اسير علي الكورنيش بلا هدف، أسير شرقاً أو غرباً لا اهتم، احافظ علي جولاتي الشتوية تلك مرة على الأقل أسبوعياً منذ ان خطوت قدماي تلك المدينة قبل ثلاث اعوام.
ارتديت ملابسي ونزلت.
اسير علي الكورنيش بلا هدف، أسير شرقاً أو غرباً لا اهتم، احافظ علي جولاتي الشتوية تلك مرة على الأقل أسبوعياً منذ ان خطوت قدماي تلك المدينة قبل ثلاث اعوام.
أثناء سيري، مستغرقا في افكاري، شارد البال، رأيت فتاة تجلس علي سور الكورنيش، ظهرها للطريق، ووجهها للبحر، كانت الرياح تعبث بشعرها الأسود، فبدا مثل هالة سوداء تحيط برأسها، كانت ترتدي بلوفر بني، وبنطال جينز اسود، وتدخن...كانت وحيدة، جلت بنظري في الكورنيش لعلي اري شخصاً تكون قد اتت معه...لم اجد احدا.
كان الأمر يبدو لي شديد الغرابة، فليس من العادة ان اجد شخصاً يسير علي الكورنيش في ذلك الطقس، فمابالك بأن يجلس تلك الجلس، كأنه يلتمس الدفء من البحر الهائج.
كان الأمر يبدو لي شديد الغرابة، فليس من العادة ان اجد شخصاً يسير علي الكورنيش في ذلك الطقس، فمابالك بأن يجلس تلك الجلس، كأنه يلتمس الدفء من البحر الهائج.
فكرت ان اذهب واسألها مباشرة لماذا تجلس هكذا، لكني تراجعت، سأبدوا متطفلا وقحا، اقتربت من حافة السور ببطئ، ولم انظر تجاهها كأنما استنجد انا الآخر بالبحر ليقيني من البرودة.
لاحظت وجودي، نظرت إلي تلاقت عينانا لثواني، ثم ادار كلا منا رأسه في اتجاه البحر ثانية، لكني تمكنت من رؤية معالم وجهها، كانت خمرية اللون، صافية البشرة، ذو عينين سوداوين، و فم صغير ذو شفتين مكتنزتين.
فكرت ان ابدأ معها الحديث.
لاحظت وجودي، نظرت إلي تلاقت عينانا لثواني، ثم ادار كلا منا رأسه في اتجاه البحر ثانية، لكني تمكنت من رؤية معالم وجهها، كانت خمرية اللون، صافية البشرة، ذو عينين سوداوين، و فم صغير ذو شفتين مكتنزتين.
فكرت ان ابدأ معها الحديث.
-الجو شديد البرودة اليوم.
قلت ذلك دون ان انظر لها، لم أستطع ان اري تعبيرات وجهها، لكنها ادارت وجهها ناحيتي وقالت
-نعم، لا ينزل من بيته اليوم غير شخص أحمق.
وضحكت ضحكة قصيرة مقتضبة.
قالت لها بعد ان جلست إلي جوارها، لكني حافظت علي مسافة بيننا.
-يمكن القول اني احمق، لكن لا يبدو انكي حمقاء، فما دفعك للنزول.
صمتت لبرهة واطالت النظر والتحديق في مياه البحر الزرقاء حتي ظننت انها لم تسمعني، او سمعتني وتجاهلت الرد، سمح لي ذلك بأن انظر إليها عن كثب، كانت تبدو في منتصف العشرينات، وكانت ملابسها وذلك العطر الذكي الرائحة الذي اسكرني شذاه، توحي بأنها من اسرة غنية.
حولت فجأة نظرها تجاهي، وقالت
حولت فجأة نظرها تجاهي، وقالت
-جميعنا حمقي، هل تستطيع أن تخبرني ما يدفع فتاة مثلي لحب رجل في عمر ابيها ومتزوج ولديه اطفال؟
قلت -لعله المال؟
-وإن كانت اغني منه؟
صمتت قليلاً، وقلت لها.
-الحب لا يعرف عمر، ما تاريخ الميلاد إلا مجموعة أرقام تزين شهادة الميلاد، والعمر الحقيقي عمر العقل.
قلت ذلك وانا غير مقتنع به، لعلني قلته كبديل للصمت، وبدا انها فطنت لذلك أيضاً، فهزت رأسها بحركة مفتعلة كأنما تسخر مما قلت.
كان الجو يزداد برودة، وازدادت قوة امواج البحار، بدأ رزاز الأمواج يبلل وجوهنا، ثم بدأت قطرات من المطر تسقط من الغيوم، كانت قطرات المطر تضيع بين مياه البحر، فكرت للحظة، هل من الممكن ان يحول المطر ماء البحر المالح إلى ماء عذب...اعدت عليها ما دار بذهني.
نظرة إلي، فبدا وجهها خالي من اي انفعالات وقالت
-ممكن.
ثم وقفت علي السور بطريقة تمثيلية، حتي ظننت انها ستلقي بنفسها في مياه البحر، ارتسمت معالم الفزع علي وجهي، ونظرت حولي لعل احدهم ينقذها إن همت علي فعل ذلك، فانا أجهل السباحة، لكن الطوار كان خالي تماماً، لعنت في تلك اللحظة ابي الذي منعني من تعلم السباحة في ترعة القرية مع اقراني.
فكرت ان اتكلم، لكني خفت ان سيتفزها كلامي فتلقي بنفسها، بدا انها رأت ملامح الفزع التي كست وجهي، فضحكت ضحكة طويلة رنانة حتي خيلي لي ان صداها سيسمع في الجهة المقابلة من البحر، ثم قالت والابتسامة مرسومة علي شفتيها.
-ليس الآن، انا اجبن من ذلك.
ثم نزلت من علي السور، وهرولت، تابعتها بعيني حتي اختفت عن الأنظار، ثم هرولت خلفها.....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق